الحلفاوين ، مهد للثّقافة الشّعبيّة الحيّة تقع
هذه
البطحاء (
الساحة ) وسط
الربض
الشمالي
المعروف
باسم ربط
باب سويقة الحلفاوين,
وقد أحدث
هذا الربض
في أوائل
القرن
الحادي عشر
تقريبا
عندما ضاقت
مدينة تونس (الجزء
المركزي) عن
سكانها بما
رحبت فتم
الالتجاء
إلى تعمير
الربضين
الشمالي و
الجنوبي
بغاية بناء
مساكن و
منشآت
حضرية , و
خلافا لما
هو موجود
داخل
المدينة من
قلة
الساحات
العمومية و
ضيقها (مثل
بطحاء
رمضان باي
بطحاء
القصر)
فقد تمت
المحافظة
على
الساحات
الكبرى
( مثل ساحة
رحبة الغنم
و ساحة
المركاض
بالربض
الجنوبي و
رحبة سيدي
الجبالي
و سيدي
شيحة و ساحة
الحلفاوين
و ساحة
القلالين
بالربض
الشمالي ). تستمد
بطحاء
الحلفاوين
اسمها من
باعة
الحلفاء
الذين
كانوا و إلى
بداية
القرن
التاسع عشر
ينتصبون
لبيع
الحلفاء
بها و هذه
المادة
الأولية
كانت تحول
في مجموعة
من
الدكاكين
إلى منتجات
صالحة
للاستعمال
اليومي مثل
الشوامي و
القفاف و
الحبال و
غيرها , وقد
ظهر بعد ذلك
أي حوالي
القرن
الخامس عشر
سوق غير
بعيد عن هذه
البطحاء
يعرف بسوق
التبانين و
هو كما يدل
عليه اسمه
خاص ببيع
التبن الذي
يستعمل
لحشو
البرادع
المصنوعة
من الحلفاء
و الخاصة
بالدواب و
لا يزال
المسجد
الواقع في
مدخل نهج
باب بو
سعدون يحمل
اسم مسجد
البرادعيّة. ستأخذ
هذه
البطحاء
قيمة
معتبرة
خاصة في
الفترة
الحسينية
إذ أن
الكثير من
أعيان
الدولة
سينتصبون
بها من ذلك
الوزير أبو
المحاسن
يوسف خوجة
صاحب
الطابع
الذي أحدث
في البطحاء
إلى جانب
جامعه
الحافل
البديع و
المدرستين
الملحقتين
به و
الميضاء و
الحمام و
الفندق
سوقا و
علوّا
خاصّا بسكناه
, كما بنى
الوزير ابن
عياد قصرا
غير بعيد من
هذه
البطحاء (مدرسة
نهج
الزاوية
البكرية)
بينما يحتل
قصر الوزير
الأكبر
مصطفى
خزندار و
زوجته
الأميرة
كلثوم بنت
مصطفى باشا
باي مكانا
متميزا من
البطحاء (قصر
المسرح
اليوم), و قد
أضفى ذلك
قيمة جديدة
على
الحلفاوين
لما لهؤلاء
من مكانة و
وجاهة في
الدولة. أمّا
النّسيج
الإجتماعي
للحلفاوين
فقد كان
بدوره
متنوّعا
بفضل روح
التّسامح
الّتي كانت
ترفرف على
مختلف
شرائحه. في
حمّام
الرّميمي
وجد
الأندلسيّون
وفي باب
الخضراء
وجدت
الجالية
الإيطاليّة
كما
وجدت
الجالية
المالطيّة
خلف البيقة
وأقليّة من
الغجر من
لاجئي
الحرب
الأهليّة
الإسبانيّة. هذا
و ضمّت
الحلفاوين
أبناء تونس
في مختلف
الجهات
الّذين
جاؤوا في
البداية
للتعلّم أو
للرّزق ثمّ
إستقرّوا
فيها. وهذا
ما جعل
لبطحاء
الحلفاوين
دورا
متميزا في
الذاكرة
الشعبية
التونسية ,و
لأهميتها
ستلقب
البطحاء
بصرة
البلاد و
ستكون
أواخر
القرن
التاسع عشر
و بداية
القرن
العشرين
مسرحا
لفنون
الفرجة
الحيّة
بأتم ما في
الكلمة من
معنى إذ
سيتخذ منها
ممارسو
الألعاب
البهلوانية
مركزا لهم (أولاد
بن موسى من
المغرب
الأقصى ) كما
ستشتهر بها
عدة مقاهي
شعبية مثل
قهوة
الغرابة و
قهوة الحاج
عابد و قهوة
العنق و
قهوة سيدي
عمارة و
قهوة بن
سلامة و
قهوة
الأخلفي و
قد شهرت هذه
الأماكن
بالفداوي
الّذي كان
يروي الحكايا
و الخرافات
والسّير
الشعبية. ولكلّ
من شهد هذا
المكان
خلال تلك
الفترة
ذكريات لا
تنسى
ورائحة
تعبق بسحر
شهر رمضان
ورونق
لياليه
وسهراته
الفنيّة
المكوّنة
للوحة
فنيّة
المشكّلة
من كلّ
أنواع
الفنون
الحيّة
التّرفيهيّة
والموجّهة
لكافّة
الطّبقات
والأعمار.
حيث مرّ من
الحلفاوين
مسرح الظلّ )الكاركوز(
ومسرح
الدّمى )إسماعيل
باشا(
وصندوق عجب
ثمّ
السّينما.
ولعلّ أبرز
ما يميّز
هذا المزيج
الفنّي في
ليالي
رمضان،
الكافي
شانطة )مقاهي
الغناء
والرّقص(
فضلا على
سهرات
الإنشاد
الدّيني
بأصوات
الخوجات
العذبة
وبمشاركة
شخصيّا
تفنيّة
فذّة
وطريفة من
طينة
السيّد
شطّا وأمين
حسنين. فكانت
بذلك انهج
الحلفاوين
إلى بطحاء
باب سويقة
مسرحا
لأجيال من
الفنانين
والفنّانات
كان الغناء
لديهم
رسالة
لتثبيت
الهويّة
التّونسيّة
مثال
فتحية خيري
و شافية
رشدي, كما
احتضنت
بدايات
العديد من
الأصوات
التونسية
على غرار
سيدي علي
الرياحي و
صليحة و
الهادي
الجويني
وكذلك إبن
الحلفاوين
الألمعيّ
الفنّان
الفكاهي
صالح
الخميسي
. ولا يمكن
بحال أن
ننسى نهج
القنطرة
العريق،
نهج
الأجواق
الموسيقيّة
المتكوّنة
من فنّانين
مكفوفين. و
تتميز
بطحاء
الحلفاوين
بجملة من
الوجوه
التي أثرت
في تاريخها
المعاصر
مثل
المرحومين
سيدي علي بن
الخوجة
إمام جامع
صاحب
الطابع و
الحاج
الفتني
أمين
الحمامجية
و أولاد
الجيّد
حمّودة
معالي
و الدكتور
أحمد بن
ميلاد و
أحمد بن
فريجة و
عائلة
التمار و
عائلة زبير
و الهادي
التركي و
المنجي
سليم و
غيرهم كثير
من
القياديين
والشّخصيّات
الطّريفة
من جماعة
تحت السّور. ونحن
نتحدّث عن
هذا المكان
الزّاخر
بالأحداث
الفاعلة،
لا يمكننا
أن ننسى
مطابع
الصّحف في
بداية
نشأتها حيث
كانت
مقرّاتها
في المربّع
المتّقد
حيويّة
والمعروف
بالمربّع
باب سويقة
وأنّ
أعلام
الصّحافة
الهزليّة
التّونسيّة
كانوا هنا
كمحمد بن
فضيلة صاحب
جريدة
الوطن
والصحفييين
بيرم
التّونسي
وحسين
الجزيري. و
هكذا فان
عودة
المسرح
الوطني إلى
ربوع هذه
البطحاء هو
ضرب من
الاعتراف
بقيمة
المكان و
محاولة
لاعادة
الروح و
المجد إليه
بعدما تسرب
تيار
التمدن إلى
خارج حدوده.
لتظل
الحلفاوين
دائما مهد
الثقافة
الحيّة و
الفنون و
الإبداع
المتجدّد.
|
|||||||||
58, Place Halfaouine B.P 183 Bab Souika 1006 Tunis Tunisie Tél. +(216.1) 56 56 93 fax +(216.1) 56 56 40 27, Avenue de paris 1000 Tunis Tunisie Tél. +(216.1) 35 17 83 fax +(216.1) 33 38 71 |